يُحكى أن رجلاً صالحاً اشتهر بين الناس بالوَرَعِ والتقوى ، وكانت له كرامات مختلفة يتحدّث بها أهل بلده ، ومن يزوره من الناس ، وكان في بيته ذات يوم إذ جاءه رجلٌ من أهل بلده وأخبره بأنه سمعَ زيداً من الناس وهو يشتمه ويسبّه ، وإنه قد اغتاظ منه نظراً لما يعرفه من صفات الرجل الصالح وما يتسم به من الحلم والأخلاق الحميدة والسيرة الحسنة وإنه قد جاء ليخبر الرجل الصالح بما سمعه من ذلك الرجل .
ولم ترتسم على وجه الرجل الصالح أية علامات لغضب أو غيظ أو غيره ، بل ظل على هدوئه المعتاد ، وقال لجليسه سأفتح فمي فأنظر فيه وأخبرني ماذا ترى ، وفتح فاه ونظر ذلك الرجل فيه وقال : أرى بحراً كبيراً لا حدّ له ، ثم أضاف : وأرى طفلاً يبول في البحر ، فقال له الرجل الصالح : أنظر جيداً هل عكّر بول الطفل مياه البحر ، فنظر الرجل وقال : لا لم يعكّره .فقال له الرجل الصالح بهدوء ، وكذلك نحن – عباد الله الصالحين - فإن مثل هذه الأمور التي ذكرت لا تؤثر علينا ولا تعكر صفونا ، فلا تقلق منها في المرات القادمة ولا تكترث لها.
وتعجب ذلك الرجل من حكمة الرجل الصالح ومن قلبه الكبير ، ومسامحته للمسيئين إليه من الناس وعاد وهو يحمده ويكثر من الثناء عليه